2006-04-24

لم ينتظر احداً


لم ينتظر احداً،

ولم يشعر بنقص في الوجود،

أمامه نهرٌ رماديٌ كمعطفه،

ونور الشمس يملأ قلبه بالصحو

والاشجار عاليةٌ/

ولم يشعر بنقصٍ في المكان،

المقعد الخشبي، قهوته، وكأس الماء

والغرباء، والاشياء في المقهى

كما هي،

والجرائد ذاتها: أخبار أمس، وعالمٌ

يطفو على القتلى كعادته/

ولم يشعر بحاجته إلى أملٍ ليؤنسه

كأن يخضوضرالمجهول في الصحراء

أو يشتاق ذئب ما إلى جيتارةٍ

فلن يقوى على التكرار...أعرف

آخر المشوارمنذ الخطوة الأولى-

يقول لنفسه- لم أبتعد عن عالمٍ،

لم أقترب من عالم

لم ينتظر أحداً..ولم يشعر بنقص

في مشاعره. فما زال الخريف مضيفه الملكي،

يغريه بموسيقى تعيد إليه عصر النهضة

الذهبيّ...والشعر المقفى بالكواكب والمدى

لم ينتظر أحداً أمام النهر/

في اللا انتظار أصاهر الدوريّ

في اللا انتظار أكون نهراً-قال-

لا أقسو على نفسي، ولا

أقسو على أحد،

وأنجو من سؤال فادح:

ماذا تريد

ماذا تريد؟

2006-04-23

القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأني"
والوحيد الذي تقف فيه وحدك مع ماء تختاره بكسل و عزلة في ‏سلام مبتكر مع النفس والأشياء وتسكبه على مهل في إناء نحاسي صغير و داكن و سري اللمعان ، أصفر مائل إلى ‏البني ثم تضعه على نار خفيفة ، آه لو كانت نار الحطب..........‏
والقهوة هي مفتاح النهار:‏
هي أن تصنعها بيديك لا أن تأتيك على طبق لأن حامل الطبق هو حامل الكلام والقهوة الأولى يفسدها الكلام ‏الأول لأنها عذراء الصباح الصامت، الفجر نقيض الكلام ورائحة القهوة تتشرب الأصوات ولو كانت تحية رقيقة ‏مثل صباح الخير وتفسد....‏
لأن القهوة فنجان القهوة الأول هي مرآة اليد واليد التي تصنع القهوة تشيع نوعية النفس التي تحركها وهكذا فالقهوة ‏هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار.‏
أعرف قهوتي وقهوة أمي وقهوة أصدقائي أعرفها من بعيد وأعرف الفوارق بينها .. لا قهوة تشبه قهوة أخرى ليس ‏هناك مذاق اسمه مذاق القهوة فالقهوة ليست مفهوما وليست مادة واحدة وليست مطلقا لكل شخص قهوته‏الخاصة الخاصة إلى حد أقيس معه درجة ذوق الشخص وأناقته النفسية بمذاق قهوته، ثمة قهوة لها مذاق الكزبرة ‏وذلك يعني أن مطبخ السيدة ليس مرتبا ، وثمة قهوة لها مذاق الخروب ذلك يعني أن صاحب البيت بخيل وثمة قهوة ‏لها رائحة العطر ذلك يعني أن السيدة شديدة الاهتمام بمظاهر الأشياء وثمة قهوة لها ملمس الطحلب في الفم ذلك ‏يعني أن صاحبها يساري طفولي وثمة قهوة لها مذاق القدم من فرط ما تألب البن في الماء الساخن ذلك يعني أن ‏صاحبها يميني متطرف وثمة قهوة لها مذاق الهال الطاغي ذلك يعني أن السيدة محدثة النعمة.‏

لا قهوة تشبه قهوة أخرى لكل بيت قهوته ولكل يد قهوتها لأنه لا نفس تشبه نفسا أخرى ، وأنا أعرف القهوة من ‏بعيد تسير في خط مستقيم في البداية ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتلوى وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات ‏تتشبث بسنديانة أو بلوطة وتتغلب لتهبط الوادي وتلتفت إلى ما وراء وتتفتت حنينا إلى صعود الجبل وتصعد حين ‏تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول.‏

رائحة القهوة عودة وإعادة إلى الشيء الأول لأنها تتحدر من سلالة المكان الأول، هي رحلة بدأت من آلاف السنين ‏وما زالت تعود ، القهوة مكان القهوة مسام تسرب الداخل إلى الخارج وانفصال يوحد ما لا يتوحد إلا فيها هي ‏رائحة القهوة هي ضد الفطام ، ثدي يرضع الرجال بعيدا ، صباح مولود من مذاق مر حليب الرجولة والقهوة ‏جغرافيا

صور له




2006-04-09

مختارات


يختارُني الإيقاعُ، يشْرقُ بي
أنا رَجْعُ الكمان، ولستُ عازِفَهُ
أنا في حضرة الذكرى
صدى الأشياء تنطقُ بي
...فأنطقُ كُلَّما أصغيتُ للحجرِ استمعتُ الى
هديلِ يَمامةٍ بيضاءَ
تشهَق بي:
أخي! أنا أُخْتُكَ الصُّغْرى،
فأَذرف باسمها دَمْعَ الكلامِ
وكُلَّما أَبْصَرْتُ جذْعَ الزّنْزَلخْتِ
على الطريق الى الغمامِ،
سمعتُُ قلبِ الأُمِّ
يخفقُ بي:
أنا امرأة مُطلَّقةٌ،
فألعن باسمها زيزَ الظلامِ
وكُلَّما شاهدتُ مرآةً على قمرٍ
رأيتُ الحبّ شيطاناً
يُحَمْلِقُ بي:
أنا ما زلْتُ موجوداً
ولكن لن تعود كما تركتُك
لن تعود، ولن أعودَ
فيكملُ الإيقاعُ دَوْرَتَهُ
ويشرَقُ بي...
*****
لي حكمة المحكوم بالإعدام
ليَ حكمةُ المحكوم بالإعدامِ:
لا أشياءَ أملكُها لتملكني،
كتبتُ وصيَّتي بدمي:
"ثِقُوا بالماء يا سُكّان أُغنيتي!"
ونِمْتُ مُضرّجاً ومتوَّجاً بغدي...
حلِمْتُ بأنّ قلب الأرض أكبرُ
من خريطتها،
وأوضحُ من مراياها ومِشْنَقتي.
وهِمْتُ بغيمةٍ بيضاء تأخذني
الى أعلى
كأنني هُدْهُدٌ، والريحُ أجنحتي.
وعند الفجر، أَيقظني
نداءُ الحارس الليليِّ
من حُلْمي ومن لغتي:
ستحيا ميتةً أخرى،
فعدِّلْ في وصيّتك الأخيرة،
قد تأجَّل موعدُ الإعدام ثانيةً
سألت: الى متى؟
قال: أنتظر لتموت أكثر
قلتُ: لا أشياء أملكها لتملكني
كتبتُ وصيّتي بدمي:
"ثِقُوا بالماء
يا سُكّان أغنيتي!"
وأنا، وإن كنت الأخير
وأنا، وإن كُنْتُ الأخيرَ،
وجدْتُ ما يكفي من الكلماتِ...
كلُّ قصيدةٍ رسمٌ
سأرسم للسنونو الآن خارطةَ الربيعِ
وللمُشاة على الرصيف الزيزفون
وللنساء اللازوردْ...
وأنا، سيحمِلُني الطريقُ
وسوف أحملُهُ على كتفي
الى أن يستعيدَ الشيءُ صورتَهُ،
كما هي،
واسمَه الأصليّ في ما بعد/
كلُّ قصيدة أُمٌّ
تفتش للسحابة عن أخيها
قرب بئر الماء:
"يا ولدي! سأعطيك البديلَ
فإنني حُبْلى..."/
وكُلُّ قصيدة حُلمٌ:
"حَلِمْتُ بأنّ لي حلماً"
سيحملني وأحملُهُ
الى أن أكتب السطر الأخيرَ
على رخام القبرِ:
"نِمْتُ... لكي أطير"
... وسوف أحمل للمسيح حذاءَهُ الشتويَّ
كي يمشي، ككُلِّ الناس،
من أعلى الجبال... الى البحيرة
********
في بيت أمي
في بيت أُمِّي صورتي ترنو إليّ
ولا تكفُّ عن السؤالِ:
أأنت، يا ضيفي، أنا؟
هل كنتَ في العشرين من عُمري،
بلا نظَّارةٍ طبيةٍ،
وبلا حقائب؟
كان ثُقبٌ في جدار السور يكفي
كي تعلِّمك النجومُ هواية التحديق
في الأبديِّ...
]ما الأبديُّ؟ قُلتُ مخاطباً نفسي[
ويا ضيفي... أأنتَ أنا كما كنا؟
فمَن منا تنصَّل من ملامحِهِ؟
أتذكُرُ حافرَ الفَرَس الحرونِ على جبينكَ
أم مسحت الجُرحَ بالمكياج كي تبدو
وسيمَ الشكل في الكاميرا؟
أأنت أنا؟ أتذكُرُ قلبَكَ المثقوبَ
بالناي القديم وريشة العنقاء؟
أم غيّرتَ قلبك عندما غيّرتَ دَربَكَ؟
قلت: يا هذا، أنا هو أنت
لكني قفزتُ عن الجدار لكي أرى
ماذا سيحدث لو رآني الغيبُ أقطِفُ
من حدائقِهِ المُعلَّقة البنفسجَ باحترامً...
ربّما ألقى السلام، وقال لي:
عُدْ سالماً...
وقفزت عن هذا الجدار لكي أرى
ما لا يُرى
وأقيسَ عُمْقَ الهاويةْ
*****
لا ينظرون وراءهم
لا ينظرون وراءهم ليودِّعوا منفى،
فإنَّ أمامهم منفى، لقد ألِفوا الطريق
الدائريَّ، فلا أمام ولا وراء، ولا
شمال ولا جنوب. "يهاجرون" من
السياج الى الحديقة. يتركون وصيةً
في كل مترٍ من فناء البيت:
"لا تتذكروا من بعدنا
إلا الحياة"...
"يسافرون" من الصباح السندسي الى
غبارٍ في الظهيرة، حاملين نُعوشَهُم ملأى
بأشياء الغياب: بطاقة شخصية، ورسالةٍ
لحبيبةٍ مجهولةِ العنوانِ:
"لا تتذكري من بعدنا
إلا الحياة"
و"يرحلون" من البيوت الى الشوارع،
راسمين إشارة النصر الجريحة، قائلين
لمن يراهُمْ:
"لم نَزَلْ نحيا، فلا تتذكّرونا"!
يخرجون من الحكاية للتنفُّس والتشمُّس.
يحلُمون بفكرةِ الطيرانِ أعلى... ثم أعلى.
يصعدون ويهبطون. ويذهبون ويرجعون.
ويقفزون من السيراميك القديم الى النجوم.
ويرجعون الى الحكاية... لا نهاية للبدايةِ.
يهربون من النعاس الى ملاك النوم،
أبيضَ، أحمرَ العينين من أثر التأمُّل
في الدم المسفوك:
"لا تتذكروا من بعدنا
إلا الحياة"...
********
هو هادئٌ، وأنا كذلك
هوَ هادئٌ، وأنا كذلك
يحتسي شاياً بليمونٍ،
وأشربُ قهوةً،
هذا هو الشيءُ المغايرُ بيننا.
هوَ يرتدي، مثلي، قميصاً واسعاً ومُخططاً
وأنا أطالعُ، مثلَهُ، صُحُفَ المساءْ.
هو لا يراني حين أنظرُ خلسةً،
أنا لا أراه حين ينظرُ خلسةً،
هو هادئٌ، وأنا كذلك.
يسألُ الجرسون شيئاً،
أسألُ الجرسونَ شيئاً...
قطةٌ سوداءُ تعبُرُ بيننا،
فأجسّ فروةَ ليلها
ويجسُّ فروةَ ليلها...
أنا لا أقول لَهُ: السماءُ اليومَ صافيةٌ
وأكثرُ زرقةً.
هو لا يقول لي: السماءُ اليوم صافيةٌ.
هو المرئيُّ والرائي
أنا المرئيُّ والرائي.
أحرِّكُ رِجْليَ اليُسرى
يحرك رجلَهُ اليُمنى.
أدندنُ لحن أغنيةٍ،
يدندن لحن أغنية مشابهةٍ.
أفكِّرُ: هل هو المرآة أبصر فيه نفسي؟
ثم أنظر نحو عينيه،
ولكن لا أراهُ...
فأتركُ المقهى على عجلٍ.
أفكّر: رُبَّما هو قاتلٌ، أو رُبما
هو عابرٌ قد ظنَّ أني قاتلٌ
هو خائفٌ، وأنا كذلك!
*********

الظلّ
الظلُّ، لا ذَكرٌ ولا أنثى
..رماديٌّ، ولو أشعلْتُ فيه النارَ...
يتبعُني، ويكبرُ ثُمَّ يصغرُ
كنت أمشي. كان يمشي
كنت أجلسُ. كان يجلسُ
كنت أركضُ. كان يركضُ
قلتُ: أخدعُهُ وأخلعُ معطفي الكُحْليَّ
...قلَّدني، وألقي عنده معطفَهُ الرماديَّ...
استدَرْتُ الى الطريق الجانبيةِ
.فاستدار الى الطريق الجانبية.
قلتُ: أخدعُهُ وأخرجُ من غروب مدينتي
فرأيتُهُ يمشي أمامي
...في غروب مدينةٍ أخرى...
فقلت: أعود مُتّكئاً على عكازتين
فعاد متكئاً على عكازتين
،فقلت: أحمله على كتفيَّ،
...فاستعصى...
فقلتُ: إذنْ، سأتبعُهُ لأخدعهُ
سأتبعُ ببغاء الشكل سخريةً
أقلِّد ما يُقلِّدني
لكي يقع الشبيهُ على الشبيه
.فلا أراهُ، ولا يراني.